اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم
التواضع
والتواضع كان سجيته وطبعه لانه استمده من القران قال تعالى : { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}الاعراف : 146 وقال تعالى {فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ }النحل29 والتواضع هو عكس الكبر الذي يزين للمتكبر انه اعظم من غيره واعظم قدرا وكمالا فيستخف بغيره ويحقره اما التواضع يحقق الكثير من الاخلاق الحميدة كالمساواة والايثار والسماحة ومشاركة الناس وحب انصاف المظلوم وهذه كانت كلها صفات محمد 0
النهي عن الكبر في القران : قال تعالى {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً }الإسراء38وقال تعالى{إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ * لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ }النحل23وقال تعالى {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ }لقمان 19, هذا ما جاء في القران عن الكبر والذي ابعد ما يكون عنه الرسول لان عائشة تقول كان خلقه القران اما عن تواضعه فيقول ابو سعيد الخدري رضي الله عنه ( كان رسول الله يعلف الناضح ويعقل البعير ويقم البيت ويخصف النعل ويرقع الثوب وياكل مع خادمه ويطحن عنه اذا تعب ويشتري الشيء من السوق فيحمله الى اهله ويصافح الغني والفقير ويسلم مبتدئا على كل من استقبله من صغير او كبير واسود واحمر وحر وعبد ) 0
ومن تواضعه :
- انه كان في سفر وامر اصحابه بطهو شاة واختار كل منهم عملا واختار جمع الحطب فقالوا يا رسول الله نكفيك فقال : ( علمت انكم تكفونني ولكن اكره ان اتميز عليكم وان الله سبحانه وتعالى يكره من عبده ان يراه متميزا بين اصحابه )
- لما قدم وفد النجاشي قام يخدمهم بنفسه قالوا الصحابه نكفيك فقال ( لا , انهم كانوا لاصحابي مكرمين وانا احب ان اكافئهم ) 0
- كان يقول ( يا ايها الناس لا ترفعوني فوق قدري فان الله قد اتخذني عبدا قبل ان يتخذني نبيا ) 0
- اغتسل يوما في بئر وكان حذيفة بن اليمان يمسك الثوب يستره ولما فرغ اغتسل حذيفة اخذ الثوب يستر حذيفة فابى حذيفة وابى الرسول الا ان يستره 0
- كان يركب ما امكنه مرة فرسا ومرة بعيرا ومرة بغلة ومرة حمارا واحيانا يمشي على رجليه بلا رداء ولا قلنسوة ولا عمامة 0
- ما عاب مضجعا قط ان فرشوا له اضطجع وان لم يفرشوا اضطجع على الارض وكان ينام على الحصير
- كان يداعب الصبيان ويمازحهم ويردف بعضهم على راحلته 0
- كان يقبل الهدية ولو كانت جرعة لبن ويكافئ عليها ولا يقبل الصدقة 0
- كان يجالس الفقراء والمساكين , قال ابو سعيد : جلست في عصابة من ضعفاء المهاجرين وان بعضهم ليستر بعضا من العري فجلس رسول الله وسطنا ليعدل بنفسه فينا وكان له عبيد واماء لا يترفع عليهم في ماكل ولا ملبس 0
- كان يجيب دعوة من دعاة من حر او عبد او احمر او اسود 0
- كان له كساء مرقع يلبسه ويقول : ( انما انا عبد البس كما يلبس العبد )
- جيء برجل بين يديه فارتعدت فرائصه من هيبته فقال ( هون عليك فلست بملك انما انا ابن امرأة من قريش كانت تاكل القديد بمكة ) 0
- كان يكره ان يقوم له اصحابه ويقول لهم ( اذا رأيتموني فلا تقوموا كما تصنع الاعاجم بملوكها ) وقال ( من سره ان يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار ) 0
- ومن اقواله ( لا تطروني كما اطرت النصارى ابن مريم انما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ) ويقولr اثناء خروجه للحج ( اللهم اجعله حجا لا رياء فيه ولا سمعه ) ويقول في الكبر ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) ويحض على التواضع فيقول ( كفى بالمرء شرا ان يقر اخاه المسلم ) وقال ( التواضع لا يزيد العبد الا رفعة , فتواضعوا يرفعكم الله )0
- قيل ل يا خير البرية فاجاب r:( ذاك ابراهيم )
- قال : ( ان الله اوحى الي ان تواضعوا حتى لا يفخر احد على احد ولا يبغي احد على احد )0
- قال :( ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو الا عزا وما تواضع احد لله الا رفعه )
- قال : ( لو دعيت الى كراع او ذراع لاجبت ولو اهدي الي ذراع او كراع لقبلت )
- قال : (اللهم احييني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين )
- قال : ( يحشر المتكبرون يوم القيامة في صورة الذر يغشاهم الذل من كل مكان ) 0
الصبر
الصبر خلق عظيم ومن افضل الاخلاق البشرية وان الله سبحانه قد امر الرسول بالصبر قال تعالى {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ }القلم48 وقال تعالى {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ }الطور 48 وقال تعالى {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً }الإنسان24 0وقال تعالى {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ }الأحقاف35 , وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران200 0
ومن صبر الرسول :
- صبره على اليتم والفقر والعوز والجوع والحاجة والتعب والحسد والشماته 0
- وصبرة على فراق عمه وزوجته خديجة وقتل حمزة وعلى ابعاده من مكة وصبره على قول عشيرته له كاهن ومجنون وساحر فسبوه وشتموه وآذوه فصبر 0
- صبره على ابي جهل وقد حاول ان يلقيه بحجرا ويقتله وهو يصلي ولكن الله حفظه منه كما كان دائم التعرض له 0
- صبره عندما القى عليه عقبه بن معيط فرث جزور 0 كما صبر عليه عندما وطئ عنقه ولطمه استجابة الى رغبة ابي بن خلف كما مر سابقا 0
- صبرعلى ايذاء جيرانه من اقاربه وخاصة ابو لهب فقد كانوا يطرحوا الاقذار على باب منزله وكان يرفعه وهو يقول : (يا بني عبدمناف , أي جوار هذا)
- صبره على اهل الطائف عنما القوا عليه الحجارة وادموا قدميه وجاءه ملك الجبال والقصة وردت سابقا 0
- صبره في غزوة احد عندما كسرت رباعيته وشج راسه وهو يسلت الدم ويقول : ( كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم الى الله) ,كما صبر في بدر والخندق وتبوك وغيرها من الغزوات والحروب 0
- ومن اقواله في الصبر ( ما من عبد اصيب بمصيبة فقال كما امر الله إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ اللهم اؤجرني في مصيبتي واعقبني خيرا منها الا فعل الله به ذلك ) 0
- وقال : ( الصبر نصف الايمان ) وقال :(الصبر من الايمان بمنزلة الروح من الجسد ) 0
القول الحسن ورعاية حق الضيف والجار
وقد وردت هذه الاخلاق السامية في حديث واحد وهو قوله :( من كان يؤمن بالله واليوم الآخرفليقل خيرا او ليصمت , ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه ) 0وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}فصلت33 0
وهذا الحديث من جوامع الكلم وقد اشتمل على امور ثلاثة تجمع مكارم الاخلاق القولية والفعلية 0
فاما القول الحسن : فالرسول يحث على قول الخيروالصمت عما سواه ويربطه بكمال الايمان وقد حث في موقع اخرعلى ذلك فيقول : ( لايستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه , ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ) , وقال : ( لايبلغ عبد حقيقة الايمان حتى يخزن من لسانه ) كما اخبر ان الثرثرة والخوض في الكلام الكثير قد تكون سبب للهلاك وتحبط العمل وتخل النار فقال : ( ان العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالا يرفعة الله بها درجات وان العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم) وقد شدد على حفظ اللسان وصونه عن الكلام الذي لا فائدة منه فقال:( وهل يكب الناس على مناخرهم في النار الا حصائد السنتهم ) 0
مما يسبق يتضح لنا ان التوجيه النبوي قد وضع ادابا للحديث منها :-
- حرص المسلم على ان يتكلم بما فيه نفع وان يمسك عن الكلام المحرم وذلك حث القران عليه فيقول تعالى {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ }المؤمنون3 ,
- عدم الاكثار من الكلا م المباح لانه قد يجر الى المحرم او المكروه فقال:( لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فان كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب وان ابعد الناس من الله القلب القاسي ) ,
- وجوب الكلام عند الحاجة اليه ولبيان الحق والامر بالمعروف والنهي عن المنكر 0
واما العناية بالجار : فهو من كمال الايمان وصدق الاسلام وحث الرسول على ذلك في الحديث السابق وامر ببره وكف الاذى عنه كما امر الله بذلك في قوله تعالى {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }النساء36 , ولم يسبق ذلك أي تشريع او نظام اخلاقي في حفظ مكانة الجار فيقولr : ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه ) 0
وايذاء الجار من اعظم الذنوب التى نهى عنها الرسول فقد سئل أي الذنب اعظم؟ فقال : ( ان تجعل لله ندا وهو خلقك ) قيل ثم أي ؟ قال :( ان تقتل ولدك مخافة ان يطعم معك ) قيل ثم أي ؟ قال : ( ان تزاني حليلة جارك ) , وفي حديث اخر ان النبي قال ( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ) قيل من يا رسول الله ؟ قال : ( من لا يأمن جاره بوائقه ) أي لا يسلم من شروره واذاه كما ورد عن ابي هريرة قال : قيل يا رسول الله ان فلانة تصلي بالليل وتصوم النهار وفي لسانها شيء تؤذي جيرانها قال : (لا خير فيها هي في النار ) , كما اخبر عن امراة اخرى بانها تصلي وتصوم وتتصدق ولا تؤذي جيرانها قال : ( هي في الجنة ) ,
وقد حث الرسول على حفظ حقوق الجار وواجبات المسلم تجاه جاره فقال : (لا يشبع المؤمن دون جاره ) , وقال : ( ما آمن بي من بات شبعان وجاره الى جنبه جائع وهو يعلم ) , وقال ابو ذر رضي الله عنه : اوصاني خليلي فقال : ( اذا طبخت مرقا فاكثر ماءه ثم انظر الى اهل بيت جيرانك فاصبهم منها بمعروف ) , وفي مجال مساعدته قال : ( لا يمنعن احدكم جاره ان يغرز خشبة في جداره)0
واما اكرام الضيف : فهو من الايمان ومن مظاهر التقوى وحسن الاسلام كما ورد في الحديث السابق ( من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه ) , والضيافة من مكارم الاخلاق واداب الاسلام وخلق النبيين والصالحين وقد حث الرسولr على ذلك في مواقع عده منها قولهr : ( ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم ) وللضيافة اداب قال : ( الضيافة ثلاثة ايام وجائزته يوم وليلة فما كان وراء ذلك فهو صدقه ) ومن اداب الضيف ان لا يضيق على مزوره ولا يزعجه فقالr : ( ولا يحل لرجل مسلم ان يقيم عند اخيه حتى يؤثمه ) فقالوا يا رسول الله كيف يؤثمه ؟ قالr : ( يقيم عنده ولا شيء له يقريه به ) 0
طلاقة الوجه والفكاهة
دعا الرسول الى طلاقة الوجه وطيب الكلام والتبسم والبشر فعن ابي ذر قال : قالr : ( لا تحقرن من المعروف شيئا ولو ان تلقى اخاك بوجه طليق ) وعن عدي بن حاتم قال : قالr : ( اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة) وان لذلك اثر عظيم في علاقات المجتمع والناس ببعضهم لانه يوجد المودة والمحبة والالفة 0فلم يكن الرسولr عابس الوجه ولا مقطب الجبين او مكفهر الوجه بل كان طلق الوجه متبسما 0
اما الضحك فمعروف انه نزعة غريزية لها اهمية خاصة ومن عادات العرب انهم يحبون الضحك حتى سموا ابناءهم بالضحاك وبسام وبشير وطلق وغيرها وكان الرسولr سمح النفس طاهر القلب فكان يمزح ويتفكه حينا ويسعد للفكاهة احيانا فقالت عائشة رضي الله عنها : اذا خلا في بيته كان الين الناس بساما ضحاكا 0كما ذكر علي بن ابي طالب ان رسول الله كان دائم البشر سهل الخلق وكان اكثر الناس ابتساما في وجوه اصحابه وتعجبا مما تحدثوا ولربما ضحك حتى تبدو نواجذه , وقد حث على ترويح القلوب والنفوس فروي عنه انه r قال :(روحوا لبقلوب ساعة بعد ساعة فان القلوب اذا كلت عميت ) وقال r: ( لا خير فيمن لا يَطرب ولا يُطرب ) 0
وكان يمزح مزاحا راقيا ولكنه لا يقول الا الحق فقد قال r: ( اني لامزح ولا اقول الا الحق ) فمما روي عنه انه جاءته امراة فقالت : يا رسول الله احملني على بعير فقال : ( بل نحملك على ولد نناقة ) فقالت ما اصنع به ؟ انه لا يحملني فقالr : ( ما من بعير الا وهو ولد ناقة ) , واتته عجوز من الانصار فقالت : يارسول الله ادع الله ان يدخلني الجنة فقالr لها : ( اما علمت ان الجنة لا يدخلها عجوز ) فجعلت تبكي , فتبسم الرسول rوقال لها : ( اما قرات قوله تعالى : {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً{37}) ,الواقعة 35-37 0
ومن مزاحه ايضا انه كان يقولr لانس : ( يا ذا الاذنيين ) وكان لانس اخ اسمه عمير وله عصفور له نغر يلعب به فدخل يوما على الرسول فقالr له : ( يا ابا عمير ما فعل النغير ) 0
وكان من اصحابه رجل اسمه زهير فوجده يوما في السوق فجاءه من قبل ظهره وضمه وهو يقولr : ( من يشتري هذا العبد ؟) قال زهير اذن تجدني كاسدا فقال الرسول r: ( لكنك عند الله لست بكاسد ) 0
ومن اصحابه ايضا نعيمان الضاحك اهدى يوما الى الرسولr جرة عسل اشتراها من اعرابي وجاء بالاعرابي الى بيت رسول اللهr فقال له : خذ الثمن من هاهنا فلما قسمها الرسولr نادى الاعرابي : الا اعطني ثمن عسلي فقال الرسولr :(احدى هنات نعيمان) ثم ساله الرسولr لم فعلت هذا فقال نعيمان : اردت برك يا رسول ولم يكن معي شيء فتبسم الرسولr واعطى الاعرابي الثمن0
ومن فكاهات نعيمان انه جاء اعرابي الى الرسولr فدخل المسجد واناخ راحلته بفناءه فقال بعض الصحابة لنعيمان : لو نحرتها فاكلناها ويغرم الرسولr الثمن فنحرها نعيمان ولما خرج الاعرابي راى راحلته نحرت صاح فخرج الرسولr فقال : ( من فعل هذا ؟ ) قالوا نعيمان فاتبعه يسال عنه فوجده في بيت احد الصحابة اختبا في خندق وتغطى بالجريد فاخرجه الرسولr واخذ يمسح التراب عن وجه فقال له : ( ما حملك على ما صنعت ) قال الذين دلوك علي فضحك الرسولr واعطى الاعرابي ثمن ناقته 0
الشجاعة
وشجاعته قدوة يحتذى بها فهذا انس بن مالك رضي الله عنه يقول : كان النبيr اشجع الناس , فزع اهل المدينة ليلة فانطلق بعضهم نحو الصوت يريدون ان يتعرفوا الخبر فاذا النبيr عائد على فرس ليس عليه سرج وفي عنقه سيفه وكان قد سبقهم الى الخروج نحو الصوت فلما قابلهم قالr لهم : ( لن تراعوا, لن تراعوا)0
وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنه : ما رايت انجد ولا اجود ولا اشجع ولا ارمى من رسول الله 0
وفي شجاعتهr يقول البراء : كان رسول اللهr اذا تشمر للقتال اشد الناس باسا وكان الشجاع منا هو الذي يقترب منه في الحرب لشدة قربه من العدو 0
ويقول علي بن ابي طالب كرم الله وجهه : كنا اذا حمي الباس اتقينا برسولr الله فما يكون احد اقرب منه الى العدو 0
جاء رجل الى البراء فقال : اكنتم وليتم يوم حنين يا ابا عمارة ؟ فقال : اشهد على نبي الله ما ولى ولكنه انطلق اخفاء الناس وحسّر الى هذا الحي من هوازن وهو قوم رماة فرموه برشق من نبل كانها رجل من جراد فانكشفوا فاقبل القوم الى رسول الله r وابو سفيان بن الحارث يقود به بغلته فنزل ودعا واستنصر وهو يقولr : (انا النبي لا كذب انا ابن عبدالمطلب , اللهم انزل نصرك )قال البراء : كنا والله اذا احمّر الباس نتقي به وان الشجاع منا الذي يحاذي به 0
وهو القائلr : ( والذي نفسي بيده لوددت انني اقتل في سبيل الله ثم احيا ثم اقتل)0
الصدق
والصدق فضيلة اسلامية عظيمة وخلق اسلامي كريم وقد حث عليه القران كما حث عليه الرسولr ففي القران قال تعالى
· {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }التوبة119
· {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ }الأحقاف16
· {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً }الأحزاب8
· تعظيم جزاء الكاذب في قوله تعالى {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ }الزمر32
اما ما جاء في اقوال الرسولr فمنها : -
· عن ابن مسعود قال : قال رسول اللهr : ( عليكم بالصدق , فان الصدق يهدي الى البر والبر يهدي الى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا واياكم والكذب فان الكذب يهدي الى الفجور والفجور يهدي الى النار وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا) 0
· وعن ابي هريرة قال : قال رسولr : ( اية المنافق ثلاث : اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا عاهد غدر ) 0
· وقد حدث اصحابه يوما فقالr : ( الا انبئكم باكبر الكبائر ؟) قالوا بلى يا رسول الله , قالr : ( الاشراك بالله , وعقوق الوالدين , وقول الزور ) وجلس وكان متكئا فقالr: ( الا وقول الزور ) فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت 0
· وقالr ايضا ( تحروا الصدق وان رايتم فيه الهلكة فان فيه النجاة واجتنبوا الكذب وان رايتم فيه النجاة فان فيه الهلكة ) 0
· ويخاطب الله الكفار وعقولهم للتفكير في رسالة محمدr فيقول تعالى {قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }يونس16 0
· كما ان الله عز وجل قد وصف الرسولr بالصدق في قوله تعالى {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }الأحزاب220
صدق الرسول r:
هو الذي سمي قبل النبوة " الصادق الامين " لما عرف عنه من الصدق والامانه وها هم الد اعداءه يشهدون له بالصدق فابو جهل يقول له : اننا لا نكذبك وما انت فينا بمكذاب ولكن نكذب ما جئت به فانزل الله قوله تعالى {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ }الأنعام33
ويوم بدر يسال الاخنس بن شريق ابا جهل فيقول له يا ابا الحكم ليس غيري وغيرك يسمع كلامنا اخبرني عن محمد صادق ام كاذب ؟ فقال ابو جهل : والله ان محمد لصادق وما كذب قط 0
وها هو هرقل ملك الروم يسال ابا سفيان قبل ان يسلم : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل ان يقول ما قال فقال ابو سفيان لا , فقال هرقل : ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله 0
في بداية النبوة اشاعت قريش بين القبائل ان محمدr ساحر فيرد عليهم اشد اعداء محمدr وهو النضر بن الحارث فقال لهم : قد كان محمد فيكم غلاما حدثا فكان ارضاكم فيكم وكان اصدقكم حديثا واعظمكم امانة حتى اذا رأيتم في صدغية الشيب وجاءكم بما جاءكم قلتم ساحر ؟ لا والله ما هو بساحر 0
الاخوة وحقوق المسلم
اورد الامام مسلم هذا الحديث الذي يبين اخوة الاسلام وحقوق المسلم فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللهr : ( لا تحاسدوا , ولا تناجشوا , ولا تباغضوا , ولا تدابروا , ولا يبيع بعضكم على بيع بعض , وكونوا عباد الله اخوانا , المسلم اخو المسلم : لا يظلمه ولا يكذبه ولا يحقره التقوى ههنا - ويشير الى صدره ثلاث مرات - بحسب امرىء من الشر ان يحقر اخاه المسلم , كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه ) 0
وهذا الحديث اخذ منهج الشمول في علاقة المسلم بالمسلم وحقوق المسلم على المسلم ففي هذا الحديث نهى عن عدة امور هي :
- الحسد : وهوتمني زوال نعمة المحسود وعودها الى الحاسد او الى غيره , وقد حذر الرسول منه في احاديث اخرى منها قوله r: ( اياكم والحسد فان الحسد ياكل الحسنات كما تاكل النار الحطب ) 0
- النجش : وهو ان يزيد في ثمن سلعة ينادي عليها في السوق ونحوه ولا رغبة له في شرائها بل يقصد ان يضر غيره , وقد حذر الرسولr منه فقال : (ملعون من ضار مسلم او مكر به ) وقالr : (المكر والخداع في النار ) 0
- التباغض : والبغض هو النفرة من الشيء لمعنى فيه مستقبح ويرادفه الكراهة والرسولr امر بالمحبة فقال: r (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ...) 0
- التدابر : وهو المصارمة والهجران وهو التقاطع وقد نهى رسول اللهr عن ذلك فقالr : (لا يحل لمسلم ان يهجر اخاه فوق ثلاث يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدا بالسلام ) 0
- البيع على البيع : وصورته ان يقول الرجل لمن اشترى سلعة : افسخ البيع لابيعك خير منها بمثل ثمنها او يقول لمن باع افسخ البيع لاشتري منك باكثر ونهى الرسولr عن ذلك بقولهr : ( لا يبيع المؤمن على بيع اخيه ) 0
وفي مقابل ذلك امر الرسولr بنشر التاخي بين المسلمين فكما قال r: ( كونوا عباد الله اخوانا ) وان ذلك لا يكون الا من خلال اداء حق المسلم على المسلم كالسلام عليه وتشميته اذا عطس وعيادته اذا مرض وتشييع جنازته واجابة دعوته والنصح له وغيرها من الحقوق وهناك ايضا واجبات على المسلم نحو اخيه المسلم فالمسلم لايظلم اخيه ولا يخذله ولا يكذب عليه ولا يحقره وان يتقي في جميع تعاملاته معه وقد ورد الحث على التقوى في القران وفي احاديث الرسولr فيقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13وسئل الرسولr من اكرم الناس ؟ قالr : (اتقاهم لله تعالى ) ومكان التقوى القلب قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ }الحج32 وقال الرسولr : (ان الله لا ينظر الى اجسامكم ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم ) 0
واوضح الرسولr ان للمسلم حرمة عظيمة وذلك ما قالهr في حجة الوداع : ( ان اموالكم ودماءكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ...) كما قالr ايضا : ( لا يحل لمسلم ان يروع مسلما ) 0
قال رسول اللهr : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى )
الكرم
دعا الرسولr الى الكرم والضيافة واعتبر الكرم والضيافة من الايمان وشجب البخل والشح واعتبره من الاخلاق الذميمة كما اعتبر البخل قرين لسوء الخلق ومن توجيه الرسولr في هذا المجال قولهr : ( من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليصل رحمه ....) وقال ايضاr : ( من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة والضيافة ثلاثة ايام فما كان بعد ذلك فهو صدقة ولا يحل له ان يثوي عنده حتى يحرجه ) كما حذر الرسولr من البخل والشح وكان من دعاءهr :( اللهم اني اعوذ بك من البخل والكسل ...) وقال ايضاr : ( ...واتقوا الشح فان الشح اهلك من كان قبلكم حملهم على ان سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم ) 0
اما كرم رسول اللهr فقد تعددت وجوهه فكان من كرمه رعاية اليتامى والفقراء والمساكين وكان ينفق على من عجز عن الكسب وكان على حساب نفسه واهله عملا بقول الله تعالى: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الحشر9. وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (ما شبع رسول الله ثلاثة ايام متوالية حتى فارق الدنيا ولو شئنا لشبعنا ولكن كنا نؤثر على انفسنا ) وكانr يعطي العطاء الجزل وما سئل عن شيء وقال لا , وقد اعطى رجلا غمنا سدت ما جبلين فعاد الى قومه وقال لهم : اسلموا فان محمدا يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة 0
واتي بمال كثير من البحرين فقال : ( انثروه في المسجد ) ولما قضى الصلاة قسمة ولم يبقي منه شيئا وكان من شدة كرمهr لا يرد سائلا معتذرا بانه لا يملك شيئا يعطيه 0
وقد سئل ابن عباس رضي الله عنه عن جود الرسولr وكرمه فقال : كان رسول الله اجود الناس وكان اجود ما يكون في شهر رمضان حين يلقاه جبريل بالوحي فيدارسه القران فرسول اللهr اجود بالخير من الريح المرسلة بمعنى ان عطاءه دائم لا ينقطع بيسر وسهولة 0
وقد اعطى العباس رضي الله عنه من الذهب ما لم يطق حمله , كما اعطى معوذ بن عفراء ملء كفه حليا وذهبا لما جاءه من رطب وقثاء , ويقولr : ( يقول الله تعالى : ابن ادم انفق انفق عليك ) وقد انزل الله تعالى قوله : {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}سبأ39
اصلاح ذات البين
يقول الله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الحجرات10 ويقول تعالى {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }النساء114ويقول الرسولr : ( الا اخبركم بافضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ) قالوا بلى , قالr اصلاح ذات البين)
العدل
وقد جاء التوجيه الرباني ثم النبوي في تحقيق العدل بين الناس فيقول الله تعالى {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }النساء58ويقول تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }المائدة8 , اما رسول اللهr فقد مر بيهودي محمم مجلود فقالr لهم: ( هكذا تجدون حد الزنى في كتابكم ) فقالوا نعم , فدعا رجلا من علمائهم فقالr : ( انشدك الله الذي انزل التوراة على موسى اهكذا تجدون حد الزاني المحصن في كتابكم ؟ ) فقال لا ولولا انك نشدتني بهذا لم اخبرك نجد حد الزاني في كتابنا الرجم ولكنه كثر في اشرافنا اذا زنا الشرف تركناه واذا زنا الضعيف اقمنا عليه الحد فقلنا تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحميم والجلد وجعلناها مكان الرجم فقال النبيr : ( اللهم اني اول من احيي امرك اذا اماتوه ) 0
في غزوة بدر بينما الرسولr يمر بين الصفوف رأى سواد بن غزية وهو خارج الصف فطعنه في بطنه وقالr له: ( استو يا سواد ) فقال يا رسول اللهاوجعتني وقد بعثك الله بالحق فاقدني ( دعني اقتص منك ) فكشف رسول اللهr عن بطنه وقالr : ( اتقد يا سواد ) فعانقه سواد وقبل بطنه فقال الرسولr : ( ما حملك على هذا يا سواد ) قال حضر ما ترى فلم آمن القتل فاردت ان يكون اخر العهد بك ان يمس جلدي جلدك فدعا له رسول اللهr بخير 0
وكان من اسرىبدر عمه العباس وابني اخويه وقد استاذن رجال من الانصارالرسولr ان ياذن لهم ليتركوا لهم المال الذي يفتدوا به انفسهم من الاسر فقالr : ( لا تدعوا منه درهما ) , ففدوا انفسهم وكان فدائهم اربعين اوقية من الذهب 0
ولم يشفع في حد من حدود الله فقد سرقت امراة مخزومية وجاء اسامة بن زيد وهو من احب الصحابة الى الرسولr فكلمه اسامة فقال الرسولr : ( اتشفع في حد من حدود الله ) ثم قام فخطب وقالr : ( انما اهلك الذين من قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق الضعيف اقموا عليه الحد وايم والله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها ) 0
ومن هديهr في هذا الجانب قولهr : ( ان ربكم واحد وان اباكم واحد ولا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا احمر على اسود ولا اسود على احمر الا بالتقوى ان اكرمكم عند الله اتقاكم الا هل بلغت ؟؟ فليبلغ الشاهد الغائب ) ويقولr : ( ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحته الا لم يجد رائحة الجنة ) وقالr ايضا : ( انما انا بشر وانه ياتيني الخصم فلعل بعضكم ان يكون ابلغ من بعض فاحسب انه صدق فاقضي له بذلك فمن قضيت له بحق مسلم فانما اقطع له قطعة من النار فلياخذها او ليتركها ) 0
الحلم
الحلم كما يقول الغزالي هو انكسار قوة الغضب وخضوعها للعقل ويبدأ بكظم الغيظ , يقول تعالى : {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }آل عمران134ويعتبره البعض هو ضبط النفس , والحلم هو كف النفس عن الثار او مقابلة الاذى بمثله, وهو منوط بالقدرة على العقوبة والرسولr كان من احلم الناس فقصته مع عبدالله بن ابي بن سلول الوارد ذكرها في غزوة المصطلق وعفوه عنه عندما اشتد اذاه للرسولr وطلب ابنه ان ياذن له الرسولr بقتله الا انه عفا عنه وقالr : ( بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا ) 0
وحلمه وعفوه عن قاتل حمزة وحشي بن حرب عندما قدم اليه ووقف عند راسه وشهد شهادة الحق فلما راه الرسولr قال : ( اوحشي ) قال نعم , قال الرسولr : ( اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة ) فلما فرغ من حديثه قالr له : ( ويحك غيب عني وجهك فلا ارينك ) 0
ومن حلمه ان جاءه شاب يطلب منه ان ياذن له بالزنا فصاح الناس به وغضبوا فقال النبيr : ( قربوه , ادن ....) فقال له الرسولr : ( اتحبه لامك ) قال الشاب : لا جعلني الله فداك, قال النبي r: ( كذلك الناس لا يحبونه لامهاتهم , اتحبه لابنتك ) قال الشاب لا , جعلني الله فداك , فقال النبيr : ( كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم , اتحبه لاختك ) حتى ذكر العمة والخالة وهو يقول في كل واحدة كذلك الناس لا يحبونه ثم وضع يده على صدر الشاب وقالr : ( اللهم طهر قلبه واغفر ذنبه وحصن فرجه ) فلم يكن شيء ابغض اليه من الزنا 0
وعن انس رضي الله عنه يقول : كان الرسولr يمشي يوما وانا معه فادركه اعرابي فجذبه جذبا شديدا وكان على النبيr برد نجراني غليظ الحاشية فنظرت الى عنق الرسولr وقد اثرت فيه حاشية البرد من شدة جذبه , وقال الاعرابي : يا محمد احمل لي على بعيري هذين من مال الله الذي عندك فانك لا تحمل لي من مالك ولا مال ابيك , فسكت النبيr ثم قال : ( المال مال الله وانا عبده ) ثم قالr : ( ويقاد منك يا اعرابي ما فعلت بي ) فقال الاعرابي : لا , قال الرسولr : (ولم ) قال الاعرابي : لانك لا تكافىء السيئة بالسيئة , فضحك الرسولr ثم امر ان يحمل للاعرابي على بعير شعير وعلى الاخر تمر 0
ويقولr : ( ان الرجل ليدرك بالحلم درجة الصائم القائم ) ويقولr : ( ما تجرع عبد جرعة افضل عند الله من جرعة غيظ يكظمها ابتغاء وجه الله ) وراى رجلان يتسابا فجعل احدهما يغضب ويحمر وجهه وتنتفخ اوداجه فنظر اليه النبيr فقال : ( اني لاعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ذا : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ومن احاديثهr انه قالr : ( ان الغضب من الشيطان وان الشيطان خلق من النار وانما يطفأ بالماء فاذا غضب احدكم فليتوضأ ) كما ان رجلا طلب منهr ان يوصيه فقال لهr : ( لا تغضب ) فردد مرارا قال r: ( لا تغضب ) 0
حسن الخلق
وحسن الخلق واسع المجال اذا كان الحديث عن رسول الله لان البشر مهما قالوا فلن يبلغوا ما قاله الله تعالى حيث يقول: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم 4 , اما من عرفه وصاحبه فالحديث يطول فهذا عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول لم يكن رسول الله r فاحشا ولا متفحشا وكان يقول r : ( ان من خياركم احسنكم اخلاقا ) وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله r عن اكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ فقال r : ( تقوى الله وحسن الخلق ) , وعن ابي الدرداء رضي الله عنه ان النبي r قال : ( ما شيء اثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن وان الله يبغض الفاحش البذيء ) وروى الترمذي في رواية له عن النبي r قال : ( ان صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة ) وعن ابي ذر رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله r : ( اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) وعن ابي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : ( ان احبكم الي واقربكم مني في الاخرة احاسنكم اخلاقا وان ابغضكم ألي وابعدكم مني في الاخرة اسوؤكم اخلاقا الثرثارون والمتفيقهون المتشدقون ) 0
الامانة
ان نهوض الرسول rبتبليغ الرسالة التي ائتمنه الله عليها فبلغها اعظم تبليغ وقام باداءها واحتمل في سبيلها اشق ما يحتمل البشر ليعتبراعظم صورة من صور الامانة
وهو الذي عرف قبل النبوة " بالصادق الامين " وما حدث من تحكيمهr في وضع الحجر الاسود وقبول قريش بحكمه عندما دخل عليهم وهم في المسجد فقالوا هذا الامين رضينا حكمه , كل هذا ليدل على امانة محمدr من قبل النبوه وان الامانة كان خلقه الذي يمتاز به 0
ومن مشاهد امانة رسول اللهr :
- جاءهr ثلاثة رجال من الصحابة يسالوه فامرهم بالجلوس وجائت صدقة من احد الصحابة عبارة عن اربع اواق فاعطى الثلاثة كل واحد اوقية وبقيت معه واحدة ولما اراد النوم وضعها تحت راسه فجعل لا ياخذه النوم فيرجع ويصلي فقالت له السيدة عائشة رضي الله عنها : هل بك شيء ؟ قال r: (لا), قالت فجاءك امر من الله ؟ قال : (لا) , قالت انك صنعت الليلة شيئا لم تكن تفعله , فاخرج الاوقية وقالr : ( هذه التي فعلت بي ما ترين اني خشيت ان يحدث امرمن الله ولم امضها ) 0
- جاءه عامل الصدقة فقال هذا لكم وهذا اهدي الي فقالr له : ( افلا قعدت في بيت ابيك وامك فنظرت ايهدى اليك ام لا ؟ فوالذي نفس محمد بيده لا يغل احدكم منها شيئا الا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه ان كان بعيرا جاء له رغاء وان كانت بقرة جاء بها لها خوار وان كانت شاة جاء بها تبعر ) 0
- جاء رجل له يتقاضاه فاغلظ فهم به اصحاب النبي r وارادوا ان يؤذوه فقال رسول الله r: ( دعوه فان لصاحب الحق مقالا ) ثم قالr : ( اعطوه سنا مثل سنه ) أي جملا في سن جمله ثم قالr : ( اعطوه فان خيركم احسنكم قضاء)0
- انه rادخل يده في طعام فنالت اصابعه بللا قال r: ( ما هذا يا صاحب الطعام ؟ ) قال : اصابته السماء يا رسول الله , قال r: ( افلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس , من غشنا فليس منا ) 0
اما توجيهاته r في اداء الامانة والتحذير من الخيانة والغدر فمنها :
· عن ابي هريرة انه قالr : ( اذا جمع الله الاولين والاخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء فقيل : هذه غدرة فلان ابن فلان ) 0
· وعن ابي هريرة ايضا ان قالr : (قال الله تعالى : ثلاثة انا خصمهم يوم القيامة رجل اعطي بي ثم غدر ورجل باع حرا فاكل ثمنه ورجل استاجر اجيرا فاستوفى منه العمل ولم يوفه اجره ) 0
· وعن ابي بكرة رضي الله ان رسول اللهr قال : ( من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنة وان ريح الجنة ليوجد من مسيرة خمسمائة عام ) 0
ومن اقولهr في الحث على الامانة :
· ( اد الامانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك ) 0
· ( من ظلم قيد شبرمن الارض طوقه الله من سبع ارضين ) 0
· (العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم ) فقال رجل : فعهد الله : قالr : ( عهد الله احق ما ادي ) 0
· ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالامام راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع في اهله وهو مسؤول عن رعيته والمراة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم راع في ما سيده وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع في مال ابيهوهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) 0
· ( لا ايمان لمن لا امانة له ولا دين لمن لا صلاة له ) 0
· ( لن تزال امتي على الفطرة ما لم يتخذوا الامانة مغنما والزكاة مغرما ) 0
· ( من اخذ اموال الناس يريد اداءها ادى الله عنه ومن اخذها يريد لتلافها اتلفه الله ) 0
· ( اربع ان كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حفظ امانة وصدق حديث وحسن خليقة وعفة في طعمة ) 0
الحياء
الحياء فطرة وغريزة في الانسان وصفة في النفس تمنعها من غعل ما يستقبح وهو جزء من الايمان وصفة من صفاته , فعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول اللهr قال : ( الايمان بضع وسبعون شعبة فافضلها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان ) 0
وقالr للصحابة يوما : ( استحيوا من الله حق الحياء ) , فقالوا : انا نستحي يا رسول الله والحمد لله , فقالr : ( ليس ذلك , ولكن الاستحياء من الله حق الحياء ان تحفظ الراس وما وعى والبطن وما حوىوتذكر الموت والبلى ومن اراد الاخرة ترك زينة الحياة الدنيا واثر الاخرة على الاولى ) 0
وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: ( الحياء من الايمان والايمان من الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار ) وعن انس رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : ( ما كان الفحش في شيء الا شانه وما كان الحياء في شيء الا زانه )
وكان r يقول : ( اذا لم تستح فاصنع ما شئت ) ومن حياءه r انه اذا لم يرضى عن فعل واراد النهي عنه لا يذكر من فله وانما يقول ما بال اقوام يقولون او يفعلون0
ومن اقواله في الحث على الحياء :
· ( ان الحياء والايمان في قرن , فاذا سلب احدهما تبعه الاخر ) 0
· ( ان الله اذا اراد ان يهلك عبدا نزع منه الحياء فاذا نزع منه الحياء لم تلفه الا مقيتا ممقتا فاذا لم تلفه الا مقيتا ممقتا نزعت منه الامانة فاذا نزعت منه الامانة لم تلفه الا خائنا مخونا نزعت منه الرحمة فاذا نزعت منه الرحمة لم تلفه الا رجيما ملعنا نزعت منه ربقة الاسلام ) 0
· ( الحياء خير كله ) 0
· ( من لا يستحي من الناس لا يستحي من الله تعالى ) 0
· ( الحياء شعبة من الايمان ) 0
· ( من القى جلباب الحياء فلا غيبة له ) 0
· ( كل امتي معافى الا المجاهرين وان من الجهار ان يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول : عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ) 0
الزهد
كان زهد النبيr المثل الاعلى في الزهد فكان ماله :
1- كان له خمس الغنائم التي يصيبها المسلمون من محاربيهم وكانت الحروب كثيرة والغنائم موفورة قال تعالى :{وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }الأنفال 41 فللمجاهدين اربعة اخماس وللرسولr خمس 0
2- كان له نصيب من الفيء وهوالذي ناله المسلمون من اموال المشركين من غير حرب كالجزية وما تركوه في حروبهم خوفا من المسلمين وما صالحوا المسلمين عليه قال تعالى:{وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}الحشر7 0
3- ما اهدى اليه الملوك والامراء 0
هذه مصادر مال الرسولr وهي اذا نظرنا لها في ذلك الوقت كانت مصادر ضخمة جدا واموال كثيرة ولكن كان زاهدا ومن زهده :
- اتتهr دنانير فقسمها وبقيت منها سته فدفعها لبعض نسائه ولكنه لم ينم حتى قام وقسمها وقالr : ( الآن استرحت ) 0
- اقتصرr من نفقته وملبسه ومسكنه على ما تدعو اليه الضرورة وزهد فيما سواه 0
- توفيr ودرعه مرهونة في نفقة عياله 0
- ورد عليهr ضيف فلم يجد عنده ما يصلحه له فارسل الي رافع الى رجل من يهود خيبر وقالr : (قل له : يقول لك محمد اسلفني او بعني دقيقا الى هلال رجب ) فاتاه فقال اليهودي الا برهن فاخبر الرسولr بذلك فقالr : ( اما والله اني لامين في اهل السماء , امين في اهل الارض ولو باعني او اسلفني لاديت اليه اذهب بدرعي هذا اليه فارهنه ) 0
- قال عمرو بن الحارث اخو جويرية بنت الحارث ام المؤمنين رضي الله عنها : ما ترك رسول اللهr عند موته : درهما ولا دينارا ولا عبدا ولا امة ولا شيئا الا بغلته البيضاء وسلاحه وارضا جعلها صدقة 0
ومن زهدهr في الطعام :
- فقد ورد في السيرة الحلبية انه لم يجتمع في بطن النبيr طعامين فان اكل لحما لم يزد عليه وان اكل تمرا لم يزد عليه وان اكل خبزا كفاه وان وجد لبنا دون خبز كفاه 0
- قالت السيدة عاشة رضي الله عنها : ان رسول اللهr لم يمتلىء قط شبعا وربما بكيت رحمة مما ارى به من الجوع فامسح بطنه بيدي واقول : نفسي لك الفداء لو تبلغت من الدنيا بقدر ما يقويك ويمنعك من الجوع فيقول r: ( يا عائشة , اخواني من اولي العزم من الرسل قد صبروا على ما هو اشد من هذا فمضوا على حالهم فقدموا على ربهم فاكرم مآبهم واجزل ثوابهم فاجدني استحي ان ترفهت في معيشتي ان يقصر بي غدا دونهم فالصبر اياما يسيرة احب الي من ان ينقص حظي غدا في الاخرة وما من شيء احب الي من اللحوق باصحابي واخواني ) 0
- وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها : لم يمتلىء جوف النبي شبعا قط وكان لا يسال اهله طعاما ولا يتشهاه ان اطعموه اكل وما اطعموه وما سقوه شرب ولهذا قالr : ( اجوع يوما واشبع يوما فاذا جعت صبرت وتضرعت واذا شبعت شكرت)
- وقالت عائشة رضي الله عنها ايضا : كانت تاتي علينا اربعون ليلة وما يوقد في بيت رسول الله مصباح ولا نار , قيل لها : فبم كنتم تعيشون ؟ قالت بالاسودين : التمر والماء الا انه كان r له جيران من الانصار كانت لهم منائح وكانوا يمنحون رسول الله من البانها فسقينا 0
- وقالت رضي الله عنها : ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تباعا 0
- قال خادمه انس رضي الله عنه : ما علمت النبيr اكل على سكرجة قط ولا خبز له مرقق قط ولا اكل على خوان قط 0
- قالت السيدة ام سلمة رضي الله عنها تصف ما وجدته في بيته ليلة زواجه بها : فاذا جرة فيها شيء من شعير واذا رحى وبرمة وقدر وكعب فاخذت الشعير فطحنته ثم عضدته في البرمة واخذت الكعب فادمته فكان ذلك طعام رسول اللهr وطعام زوجته ليلة عرسه 0
ومن زهده في الملابس والفراش والانية :
- جاء في السيرة الحلبية انه لم يكن لرسول اللهr الا ثوب واحد من قطن قصير الكمين قصير الطول وكان له جبة ضيقة الكمين ورداء طوله اربعة اذرع وعرضه ذراعان وبردة يمانية طولها ستة اذرع في عرض ثلاثة وشبر وكان يلبسها في الجمعة والعيدين ثم تطويان وكان له رداء اخضر طوله اربعة اذرع وعرضه ذراعان وشبر تداولته الخلفاء 0
- كانr يلبس ما تيسر من اللباس فلبس الصوف تارة والقطن تارة والكتان تارة ولبس البرود اليمنية ولبس الجبة والقباء والقميص والسراويل والازار والخف والنعل وارخى الذؤابة من خلفه تارة وتركها تارة
- اهدى اليهr اكيدر بن عبد الملك صاحب دومة الجندل فروج حرير فلبسه - قبل تحريم الحرير – فصلى فيه ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له وقال r: ( لا ينبغي هذا للمتقين ) 0
- عن حذيفة بن اليمان : نهانا النبي ان نشرب في انية الذهب والفضة وان ناكل فيها وعن لبس الحرير والجلوس عليه 0
- وذكر ابن القيم انهr كان ينام على الفراش تارة وعلى النطع ( الجلد ) تارة وعلى الحصير تارة وعلى الارض تارة وعلى السرير تارة وكان فراشه أدما حشوه ليف وكذلك وسادته
ومن تزهيدهr ال بيته انه دخل على ابنته فاطمة رضي الله عنها وهو عائد من سفر فراى على باب منزلها سترا وفي يديها قلبين من فضة فرجع ولم يدخل , فدخل عليها ابو رافع وهي تبكي فاخبرته برجوع رسول الله r فساله ابو رافع فقال له r : (من اجل الستر والسوارين ) فارسلت فاطمة بسواريها بلالا الى رسول الله r وقالت قد تصدقت بهما فضعهما حيث ترى فقال r لبلال : ( اذهب فبعهما وادفعهما الى اهل الصفة ) فباعهما بدرهمين وتصدق بالثمن 0
وقد شكت نسوة النبي r من انهن لا يجدن ما يكفيهن من النفقة والزينة واجتمعن فحدثن النبي r بهذا فلم يفعل اكثر من تخييرهن بين الرضا والصبر او التسريح الجميل وفي نفسه الم من شكواهن لم يخفه عليهن ولا على صديقيه وصهريه ابي بكر وعمر رضي الله عنهما فقد دخل عليه ابو بكر وعمر فوجداه واجما وحوله نساؤه ففهم ابو بكر ان اجتماعهن لشيء متصل برغبات فاراد ان يسري عن رسول اللهr فقال يا رسول الله لو رايت بنت خارجة وسالتني النفقة فقمت اليها فوجأت عنقها , فضحك الرسولr وقال : ( هن حولي كما ترى يسالنني النفقة ) فقام ابو بكر الى عائشة يجأ عنقها وقام عمر الى حفصة يجأ عنقها وهما يقولان : تسألن رسول الله ما ليس عنده ؟ فقلن : والله لا نسأل رسول الله شيئا ابدا ليس عنده 0
ثم اعتزلهن الرسولr شهرا فنزل قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً}الأحزاب29فقال رسول الله r للسيدة عائشة : ( اريد ان اعرض عليك امرا احب ان لا تعجلي فيه حتى تستشيري ابويك ) قالت : وما هو يا رسول الله ؟ فقرا الايات فقالت : افيك يا رسول الله استشير ابوي ؟ بل اختار الله ورسوله والدار الاخرة , ثم خير نساءه جميعا فاجبن بما بما اجابت به عائشة رضي الله عنهن جميعا0
ولو اراد r ان يغدق على زوجاته اغداقا لفعل ولكنه ضرب المثل الاعلى للرجل الكامل وللحاكم العظيم وللمالك الذي يتصرف بملكه بما يشاء 0
حبهr للنظافة والتطيب :
رغم زهده فقد كانr دائم الطهارة والنظافة وكان r مهتما لنظافة جسمه وملابسه يحب ان يبدو لاهل بيته ولاصحابه حسن البزة نظيف الملبس وكان rاذا قدم له وفد لبس احسن ثيابه وكانr يحب الطيب وينفر من الرائحة الكريهة وكانr يحب السواك وقالr : ( لولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة) وكانr ايضا يرجل شعره ( يسرح ) ويسرح لحيته ويدهن راسه ويضع قناعا في بعض الاوقات فوق شعره وكانت اكثر ملابسه بيضاء 0
سالهr رجل فقال : يا رسول الله اني احب ان يكون ثوبي حسنا ونعلي حسنة افمن الكبر ذاك ؟ فقال r : ( لا , ان الله جميل يحب الجمال , الكبر بطر الحق وغمط الناس ) 0
ومن اقواله r في الزهد :
- ( عليكم بالقناعة فان القناعة مال لا ينفد )0
- ( اذا نظر احدكم الى من فُضّل عليه في المال والخلق فلينظر الى من هو اسفل منه فهو اجدر الا تزدروا نعمة الله تعالى عليكم ) 0
- ( اذا اصبحت آمنا في سربك معافى في بدنك عندك قوت يومك فعلى الدنيا العفاء ) 0
- اتى اوس بن خولة رسول الله بقدح فيه لبن وعسل فوضعهوقالr :
( شربتان في شربه وأدمان في قدح لا حاجة لي فيه اما اني لا ازعم انه حرام ولكن اكره ان يسالني الله عن فضول الدنيا يوم القيامة ) 0
- ( ما ملا ابن ادم وعاء شرا من بطنه , حسب ابن ادم لقيمات يقمن صلبه وان كان لا بد فاعلا: فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ) 0
- ( طوبى لمن هدي الاسلام وكان عيشه كفافا وقنع ) 0
-
( ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في ايدي الناس يحبك الناس ) 0
العفة
العفة خلق كريم وسلوك قويم تقي الانسان من ان يرتكب بيده او بلسانه او بشهرته ما لا يحل له وقد حث الرسول الكريم r على العفة والتعفف ورغب فيه فقال تعالى: {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ }البقرة273وقال r : ( ان الله يحب الفقير المتعفف ابا العيال ) اما عفة رسول اللهr فقد كانت مثالا يحتذى فقد كانr عفيف اللسان في اشد حالات الغضب والخصام ومن العفة عزة النفس وكانr عزيز النفس فقد امسك وبرة من احد ابل الغنائم وقالr : ( لا يحل لي من غنائمكم مثل هذا الا الخمس والخمس مردود فيكم ) 0
ومن اقوالهr في العفة:
- ( اليد العليا خير من اليد السفلى )0
- ( لان يحتطب احدكم حزمة على ظهره خير من ان يسال احد فيعطيه او يمنعه ) 0
- ( ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس ) 0
- ( من سال من غير فقر فكانما ياكل الجمر) 0
- سال ناس من الانصار رسول الله r فاعطاهم ثم سالوه فاعطاهم حتى نفد ما عنده فقال r : ( ما يكون عندي من خير فلن ادخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله وما اعطى احد عطاء خيرا واوسع من الصبر ) 0
- ( ان الله يحب الحيي الحليم المتعفف ويبغض البذيء السأل الملحف ) 0
وفي مقابل ذلك حث على العمل وحببه للمسلمين فقال r : ( ما من مسلم يغرس غرسا او يزرع زرعا فياكل منه طير او انسان الا كان له به صدقة ) وقد احبr العمل فكان قبل النبوه يرعى الغنم فقال r : ( ما من نبي الا وقد رعى الغنم ) فقيل وانت يا رسول الله ؟ قال r : ( وانا ) 0 كما عمل بالتجارة ومن ذلك تجارته لخديجة كما وردت سابقا 0
وكان سلمان الفارسي رضي الله عنه عبدا عند احد اليهود اراد ان يكاتب ليتحرر فقال له رسول الله r : ( كاتب يا سلمان ) قال سلمان فكاتبت اليهودي على ثلاثمائة نخله احييها له بالحفر والغرس واربعين اوقية , فقال رسول اللهr لاصحابه : (اعينوا اخاكم ) فاعانوني بالنخل حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية ( غرسة نخل ) فقال r : (اذهب يا سلمان فاحفر لها ) فلما فرغت جئته فاخبرته فخرج معي فجعلنا نقرب الودي ويضعه بيده حتى فرغنا ثم ادى r عنه الفضة 0
وجاء رجل من الانصاريوما يسال رسول الله r لحاجته وفقره فقال الرسول r : ( اما في بيتك شيء؟ ) قال : بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه الماء , فقال r: ( ائتني بهما ) فاتاه بهما , فاخذهما بيده وقال r : ( من يشتري هذين ؟ ) فقال رجل انا اخذهما بدرهم فقالr : ( من يزيد على درهم ؟ ) فقال رجل انا اخذهما بدرهمين , فاعطاهما اياه واخذ r الدرهمين فاعطاهما للرجل وقالr : ( اشتر باحدهما طعاما فانبذه الى اهلك واشتر بالاخر قدوما فأتني به ) فاتاه به , فشد فيه رسول الله r عودا بيده ثم قالr : ( اذهب فاحتطب وبع ولا ارينك خمسة عشر يوما ) ففعل الرجل ثم جاء وقد اصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما فقال له الرسول r : ( هذا خير لك من ان تجيء المسالة نكتة في وجهك يوم القيامة , ان المسالة لا تصلح الا لذي فقر مدقع او لذي غرم مفظع او لذي دم موجع ) 0
وقال r :( ان اطيب ما اكل الرجل من كسبه) 0
وقال r ايضا : ( لان ياخذ احدكم حبله فياتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها , فيكف الله بها وجهه , خير له من ان يسال الناس اعطوه او منعوه ) 0
العفو والتسامح
والعفو هو الصفح والمغفرة والتجاوز عن الاساءة في غير كراهية للمسيء او حقد عليه او اصرار على الانتقام فيما بعد مع القدرة على العقوبة وليس الناشىء عن عجز او ضعف , قال تعالى : {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }آل عمران134وقال تعالى : {إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً }النساء149 0
ومن تسامح رسول الله r عفوه عن قاتل عمه حمزة ذلك وحشي حيث قال لهr: (ويحك يا وحشي , غيب عني وجهك فلا ارينك بعد اليوم ....) والقصة وردت سابقا في باب الحلم كذلك عفوه r عن قريش بعد الفتح ,
ومن اقواله r : ( ان الله عفو يحب العفو ) , وقال r: (من عفا عند المقدرة عفا الله عنه يوم العسرة ) 0
العشرة الطيبة
هي جمال الصحبة وحلاوة المخالطة بين الناس وتحتاج الى مسلم يتحلى بالخلق الاسلامي بان يكون صبورا حليما عفوا كريما صادقا عفيفا امينا وزاهدا متواضعا وهذه كلها اجتمعت في رسول الله r وكان من حسن عشرته انه يدعي اصحابه باحب الاسماء ويكني من لا كنية له ولا ولد ومن ذلك انه كنى صهيب بن مالك بابي يحيى وكنى عبدالله بن مسعود بابي عبدالرحمن مع انه لا ولد له وكنى انس ببقلة ويكنى الصبيان ومنها انه كنى اخا انس بابي عمير وكنى عائشة رضي الله عنها بام عبدالله 0
ومن اهم ملامح حسن عشرتهr :
- كان r اذا اخذ بيد احد لمصافحته لم يرسل يده الشريفة وينزعها حتى يكون الرجل هو الذي نزع 0
- كانت الجارية تاخذهr وتذهب به ليقضي حاجاتها فيفعل r ولا يتركها حتى تقضي حاجتها 0
- وكان r اذا كلمه احد لم يصرف وجهه حتى يكون الرجل هو المنصرف 0
- كان r لا يقطع على احد حديثه حتى يتجوز فيقطعه بنهي او قيام 0
- كان r اذا لقي احد اصحابه بدا بالمصافحة ثم اخذ بيده فشابكه ثم شد فقبض عليها 0
- وكانr يبدا من لقيه بالسلام 0
ومن طيب عشرتهr ان دخل عليه جرير بن عبدالله البجلي وهو من الابطال المشهود لهم فكان مجلس الرسول مكتظ بالناس فلم يجد مكانا فقعد على الباب فلف رسول اللهr رداءه فالقاه اليه وقال لهr : ( اجلس على هذا ) , فاخذه جرير ووضعه على وجهه وجعل يقبله ويبكي ثم رده الى النبي r وقال : ما كنت لاجلس على ثوبك , اكرمك الله كما اكرمتني , فنظر النبي r يمينا وشمالا وقال : ( اذا اتاكم كريم قوم فاكرموه)
وكان r لا يحدث احدا بما يكره فقد دخل عليه رجل تبدو صفرة الزعفران على جسمه فكرهها r ولكنه لم يقل شيء فلما خرج الرجل قال rلجلسائه:( لو قلتم له يدع هذه الصفرة ) 0
ويستاذن من غلام صغير في موقف من المواقف فقد اتي r بقدح فشرب منه وكان يجلس عن يمينه هذا الغلام والاشياخ الكبار في السن عن يساره فقال r : ( يا غلام اتاذن لي ان اعطيه الاشياخ ؟ ) قال الغلام : ما كنت لاوثر احدا بفضل منك يا رسول الله فاعطاه r القدح 0
وكان r اذا فقد الرجل من اخوانه ثلاثة ايام سال عنه فان كان غائبا دعا له وان كان شاهدا زاره وان كان مريضا عاده 0
ويروي انس رضي الله عنه وهوخادم الرسول r فيقول ان النبي r ارسلني في حاجة فتشاغلت بصبيان يلعبون في السوق واذا رسول اللهr قد قبض على ثيابي من ورائي فنظرت اليه وهو يضحك فقال r : ( يا انيس , اذهب حيث امرتك ) 0ويقول انس رضي الله عنه : خدمت النبي r فما قال لي اف قط ولا قال لشيء صنعته لم صنعته ؟ ولا لشيء تركته لم تركته ؟ ولا امرني بامر فتوانيت فيه فعاتبني عليه , فان عاتبني احد من اهله قال r : ( دعوه , فلو قدر شيء كان ) 0
ومن اقوله r في العشرة الطيبة :
( كل معروف صدقة ومن المعروف ان تلقى اخاك بوجه طلق وان تفرغ من دلوك في انائه) , ويقولr : ( من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يؤذ جاره) ويقولr : (من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت ) ويقول r : ( ابغض الرجال الى الله الالد الخصم ) ويقولr : ( لا يحل لمؤمن ان يشير الى اخيه بنظرة تؤذيه ) 0
الوفاء
وهو القيام بما يجب للعبد من رعاية واداء , سواء اكان العهد معتمدا على توثيق مكتوب ام على وعد شريف ام لم يكن متعاقدا عليه لانه مما تلزم به الفطرة السليمة والعقل الرشيد والوجدان الحي كالوفاء لصاحب الجميل 0
قال تعالى : {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً }الإسراء34 وقال تعالى :{الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ }الرعد20اما رسول الله r فاول ما كان وفيا مع الله سبحانه ومن ذلك ما ترويه عائشة رضي الله عنها فتقول كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقلت له : لماذا تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تاخر ؟ قال r : (افلا اكون عبدا شكورا ) 0
ومن وفاءه r انه عندما اجرى الصلح مع قريش " صلح الحديبية " وكان من بنوده ان يرد كل من جاءه من قريش دون اذن وليه فاتاه ابو بصير عتبة بن اسيد بن جارية فقال له r : ( انا قد اعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت , ولا يصلح لنا في ديننا الغدر وان الله جاعل لك ولمن معك فرجا ومخرجا فانطلق الى قومك ) 0
ومن وفاءه لزوجتة خديجة رضي الله عنها انه لم ينشغل عنها بعد وفاتها وزواجه من غيرها وكان يذكرها بالخير والتقدير على مسمع من زوجاته ومنهن عائشة التي كانت تغار احيانا فقالت له يوما هل كانت الا عجوزا بدلك الله خير منها ؟ فقال r : ( لا والله , ما بدلني الله خيرا منهاامنت بي اذ كفر الناس .... الخ الحديث ) 0
وكان يعطف على مرضعته حليمة السعدية واذا جاءته يهتف قائلاr : ( امي ...امي) ويفرش لها رداءه ومن وفاءهr ان جاءته اخته في الرضاعة الشيماء في سبايا هوازن وتعرفت له فبسط رداءه لها وقالr : ( ان احببت اقمت عندي مكرمة محببة او متعتك ورجعت الى قومك ) فاختارت قومها فمتعها 0
ومن حثهr على الوفاء للوالدين ان اسماء بنت ابي بكر تقول قدمت علي امي وهي مشركة حينما عاهد رسول الله قريشا عهد الحديبية وكان ابو بكر طلقها في الجاهلية ومعها هدية لي فبعثت الى رسول اللهr استفتيه فقلت : ان امي قدمت علي وهي راغبة افادخلها بيتي ؟ فارسل الي يقول r : ( نعم ادخلي امك , وصليها ) 0
ومن وفاءهr قبل النبوة يقول عبدالله بن ابي الحمساء بعت للنبي قبل ان يبعث نبيا وبقيت عن المبيع بقية لم يتسلمها فوعدته ان اتيه بها في مكان البيع فنسيت الموعد فذكرته بعد ثلاث فجئته فاذا هو في مكانه لم يفارقه فقالr لي : ( يا فتى لقد شققت علي انا هنا منذ ثلاث انتظرك ) 0
ومن وفاءه للانصار ان قال r : ( استوصوا بالانصار خيرا انهم عيبتي التي اويت اليها فاحسنوا الى محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ) 0ووفاءه لاصحابه يقولr: عن ابي بكر رضي الله عنه : ( ما احد اعظم عندي يدا من ابي بكر واساني بنفسه وماله وانكحني ابنته ) وجمعه مع عمر رضي الله عنهما فقال r : ( ابو بكر وعمر مني بمنزلة السمع والبصر ) اما علي فقال r : ( علي اخي في الدنيا والاخرة ) 0
حتى الحيوان كان له من وفاء الرسولr نصيب فقد اقبلت ليلى امراة ابي ذر على ناقة من ابل الرسول ص بعد غزوة ذي قرد فقالت : يا رسول الله قد نذرت لله ان انحرها ان نجاني الله عليها فاكل من كبدها وسنامها , فتبسم الرسول r ثم قالr : (بئس ما جزيتها ان حملك الله عليها ونجاك بها ثم تنحرينها انه لا نذر في معصية الله ولا فيما لا تملكين انما هي ناقة من ابلي فارجعي الى اهلك على بركة الله ) 0
كمال الاخلاق والفضائل
يقول ابو الحسن علي الماوردي في كتابه اعلام النبوة : الكمال المعتبر في البشر يكون من اربعة اوجه : كمال الخلق وكمال الخلق وفضائل الاقوال وفضائل الاعمال:-
الاول : كمال خلقه بعد اعتدال صورته فيكون في اربعة اوصاف :
1- السكينة الباعثة على الهيبة والتعظيم الداعية الى التقديم والتسليم وكان اعظم مهيب في النفوس حتى ارتاعت رسل كسرى من هيبته حين اتوه مع ارتياضهم بصوله الاكاسرة ومكاثرة الملوك الجبابرة فكان في نفوسهم اهيب وفي اعينهم اعظم وان لم يتعاظم بأهبة ولم يتطاول بسطوة بل كان بالتواضع موصوفا وبالوطاء معروفا ( الوطاء : السهولة والليونة والتواضع ) 0
2- الطلاقة الموجبة للاخلاص والمحبة الباعثة على المصافاة والمودة وقد كان محبوبا ولقد استحكمت محبة طلاقته في النفوس حتى لم يقله مصاحب ولم يتباعد منه مقارب وكان احب الى اصحابه من الاباء والابناء وشرب الماء البارد على الظمأ 0
3- حسن القبول الجالب لمماثلة القلوب حتى تسرع الى طاعته وتذعن بموافقته وقد كان قبول منظره مستوليا على القلوب ولذلك استحكمت مصاحبته في النفوس حتى لم يفر منه معاند ولا استوحش منه مباعد الا من ساقه الحسد الى شقوته وقاده الحرمان الى مخالفته 0
4- ميل النفوس الى متابعته وانقيادها لموافقته وثباته على شدائده ومصابرته فما شذ عنه معها من اخلص ولا ند عنه عنه فيها من تخصص 0
وهذه الاربعة من دواعي السعادة وقولنين الرسالة وقد تكاملت فيه فكمل لما يوازيها واستحق ما يقتضيها 0
واما الوجه الثاني في كمال اخلاقه r فيكون بست خصال : -
1- رجاحة عقله وصحة وهمه وصدق فراسته وقد دل على وفور ذلك فيه صحة رأيه وصواب تدبيره وحسن تألفه وانه ما استفعل في مكيدة ولا استعجز في شديدة بل كان يلحظ الاعجاز في المبادي فيكشف عيوبها ويحل خطوبها وهذا لا ينتظم الا باصدق وهم واوضح جزم 0
2- ثباته في الشدائد وهو مطلوب وصبره على البأساء والضراء وهو مكروب ومحروب ونفسه في اختلاف الاحوال ساكنة لا يجوز في شديدة ولا يستكين لعظيمة او كبيرة ويقدر على الخلاص وهو بالشر لا يزداد وقد لقي بمكة من قريش ما يشيب النواصي ويهد الصياصي ( الحصون ) وهو مع الضعف يصابر صبر المستعلي ويثبت ثبات المستولي 0 وروى خماد بن سلمه عن ثابت عن انس ان رسول الله r قال : ( لقد اخفت في الله وما يخاف احد ولقد اوذيت في الله وما يؤذى احد ولقد اتت علي ثلاثون من بين يوم وليلة وما لي ولبلال طعام ياكله ذو كبد الا شيء يواريه ابط بلال) 0ومن صبر على هذه الشدائد في الدعاء الى الله تعالى امتنع ان يريد به الدنيا وقد زويت عنه وما ذاك الا لطلب الاخرة ومستحيل ممن كذب في ادعائه اليها ان يستوحشها او كذب على الله تعالى ان يثاب بها 0
3- زهده في الدنيا واعراضه عنها وقناعته بالبلاغ منها فلم يمل الى نضارتها ولم يله لحلاوتها , فقد روي عنه انه قيل له r : ان شئت اعطيت خزائن الارض ما لم يعط احد من قبلك ولا يعطاه احد بعدك ولا ينقصك في الاخرة شيئا , قالr : ( اجمعوها لي في الاخرة ) , فنزل قوله تعالى : {تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً }الفرقان10 , ودخل عليه عمر وهو جالس على حصير قد اثر في جسمه فقال له : يا رسول الله لو اتخذت فراشا اوطأ من هذا فقال r : ( مالي وللدنيا والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا الا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من النهار ثم راح وتركها ) , وقد سبق ايضاح زهده سابقا 0
4- تواضعهr للناس وهم اتباع وخفض جناحه لهم وهو مطاع يمشي في الاسواق ويجلس على التراب ويمتزج باصحابه وجلسائه فلا يتميز عنهم الا باطراقه وحيائه فصار بالتواضع متميزا وبالتذلل متعززا ولقد دخل عليه بعض الاعراب فارتاع من هيبته فقالr : ( خفف عليك فانما انا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة ) , وهذا من شرف اخلاقه وكريم شيمه فهي غريزة فطر عليها وجبلة طبع بها ولم تندر فتعد ولم تحصر فتحد 0
5- حلمه ووقاره عن طيش يهزه او خرق يستفزه فقد كان احلم في النفار من كل حليم واسلم في الخصام من كل سليم وقد مني بجفوة الاعراب فلم يوجد منه نادرة ولم يحفز عليه بادرة ولا حليم غيره الا ذو عثرة ولا وقور سواه الا ذو هفوة فان الله تعالى عصمه من نزغ الهوى وطيش القدرة بهفوة او عثرة ليكون بامته رؤوفا وعلى الخلق عطوفا , ومواقفه مع قريش وغيرهم فيها من ثبات هذه الصفة والخلق0
6- حفظه للعهد ووفاؤه بالعهد فانه ما نقض لمحافظ عهدا ولا اخلف لمراقب وعدا يرى الغدر من كبار الذنوب والاخلاف من مساوىء الشيم 0
الوجه الثالث : فضائل اقواله فمعتبر بثماني خصال : -
1- ما اتي من الحكمة البالغة واعطي من العلوم الجمة الباهرة 0
2- حفظه لما اطلعه الله عليه من قصص الانبياء مع الامم واخبار العالم في الزمن الاقدم 0
3- احكامه لما شرع باظهر دليل وبيانه باوضح دليل 0
4- ما امر به من محاسن الاخلاق ودعا اليه من مستحسن الادب 0
5- وضوح جوابه اذا سئل وظهور حجاجه اذا جودل 0
6- انه محفوظ اللسان من تحريف في قول واسترسال في خبر يكون الى الكذب منسوبا 0
7- تحرير كلامه في التوخي به ابان حاجته والاقتصار منه على قدر كفايته فلا يسترسل فيه هذرا 0
8- انه افصح الناس لسانا واوضحهم بيانا واوجزهم كلاما واجزلهم الفاظا واصحهم معاني 0
الوجه الرابع : فضائل افعاله فمختبر بثماني خصال ايضا : -
1- حسن سيرته وصحة سياسته 0
2- انه جمع بين رغبة من استعمال ورهبة من استطاع حتى اجتمع الفريقان على نصرته 0
3- انه عدل فيما شرعه من الدين عن غلو النصارى في التشديد وعن تقدير اليهود في التقصير الى التوسط بينهما 0
4- انه لم يمل باصحابه الى الدنيا كما رغبت اليهود ولا في رفضها لما ترهبت النصارى وامرهم فيها بالاعتدال ان يطلبوا منها قدر الكفاية 0
5- تصديه لمعالم الدين ونوازل الاحكام حتى اوضح للامة ما كلفوه من العبادات وبين لهم ما يحل وما يحرم من مباحات ومحضورات وفصل لهم ما يجوز ويمتنع من عقود ومناكح ومعاملات 0
6- انتصابه لجهاد الاعداء 0
7- ما خص به من الشجاعة في حروبه والنجدة في مصابرة عدوه 0
8- ما منح من السخاء والجود حتى جاد بكل موجود وآثر بكل مطلوب ومحبوب 0
- (اخذ هذا الترتيب ) عن كتاب : اخلاق النبي / عبدالمنعم الهاشمي وكتاب / اعلام النبوة /الماوردي