ما هو معنى البرزخ، وما هي حقيقة عالم البرزخ ؟؟
لمعرفة معنى "البرزخ" لا بد و إن نعرف المعنى اللغوي له أولا، وإذا ما راجعنا كتب اللغة وجدنا أن "البرزخ" هو الحاجز بين الشيئين، والمانع من اختلاطهما و امتزاجهما.
و لقد جاء ذكر البرزخ في القرآن الكريم في مواضع ثلاث كلها بالمعنى المتقدم، أما الآيات فهي:
1. قال الله تعالى في القرآن الكريم: { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا
يَبْغِيَانِ}.
2. و قال تعالى أيضاً : {وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً }.
3. و قال عَز وجل أيضاً: { ... وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }.
ثم إن القرآن الكريم استعمل هذه اللفظة لبيان أن هناك عالَماً آخراً يفصل بين الدنيا والآخرة يمر به الإنسان، إذ قال : "ومن و رائهم برزخ ...".
والأحاديث الشريفة على غرار هذه الآية تؤكد على أن "البرزخ" هو الوقت الفاصل بين حياة الإنسان في عالم الدنيا وبين نشأته في عالم الآخرة، أي من وقت موته إلى حين بعثه في يوم القيامة.
والرؤية الإسلامية بالنسبة إلى عالم البرزخ هي أن الموت ليس نهاية الحياة، وإن الحياة لاتنعدم بالموت، بل الإنسان ينتقل بواسطة الموت من نشأةٍ إلى أخرى، ومن حياةٍ في عالم الدنيا إلى حياة في عالم آخر يسمى بعالم البرزخ، الذي يتوسط عالمي الدنيا والآخرة.
أما بالنسبة إلى حقيقة عالم البرزخ فيجب أن نقول: إن حقيقته غير واضحة ولا نعلم عنه شيئاً كثيرا إلا ما لمّحت به الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة، والتي يمكن تلخيصها في نقاط كالتالي:
1 . إن الحياة البرزخية حياة تتوسط حياة الإنسان في عالم الدنيا وحياته في عالم الآخرة، وتبدأ الحياة البرزخية من حين قبض روح الإنسان عن بدنه و إيداعه القبر، وتستمر حتى قيام الساعة.
2 . أن الميت ما أن يودع في قبره حتى يتلقاه الملكان نكير ومنكر ويسألونه، فإذا كان الميت صالحاً أُكرم وأُنعم، وأما لو كان طالحاً فيعذب.
3 . يصف الله سبحانه وتعالى الحياة البرزخية للكافرين والمجرمين لاسيما آل فرعون بقوله: { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }، فالآية تحكي عن أن آل فرعون يعرضون على النار صباحا ومساءً قبل يوم القيامة، وأما بعدها فيقحمون في النار، لقول الله تعالى "ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب".
4. إن الحياة البرزخية للشهداء فيصفها الله تعالى بقوله: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ}، وفي آية أخرى يصف حالة الشهداء في الحياة البرزخية بأنها حالة فرح وسرور حيث يقول: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }.
5. إن حالة النعيم التي يعيشها المؤمنون في الحياة البرزخية رغم أهميتها وكونها من قبيل نعم الجنة، لكنها لاتصل إلى مستوى تلك النعم، كذلك عذاب العصاة والكافرين من أهل البرزخ رغم كونه عذاباً أليماً إلا أنه بالقياس إلى ماسيلاقونه من عذاب الآخرة في نار جهنم لا يُعدّ شيئاً.
6. إن حالة البرزخ تتناسب مع عمل الإنسان، فان كان صالحاً كانت حالته في البرزخ جيدة، وإن كان فاسداً كانت حياته البرزخية شديدة.